أكد الخبير البترولي المهندس مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أن صناعة البتروكيماويات في مصر تواجه أزمة خطيرة نتيجة عدم توفر المقومات الأساسية اللازمة لتلك الصناعة، وخاصة نقص مصادر التغذية الأساسية، مما أدى إلى شبه توقف لهذه الصناعة بمعناها الحقيقي.
المخاطر والمعوقات التي تواجهها صناعة البتروكيماويات في مصر
أضاف في حديثه لموقع «المصير» الإخباري أن الصناعات البتروكيماوية الصحيحة تعتمد على تحويل المواد البترولية أو الغاز الطبيعي الغني بالإيثان والبروبان إلى مواد كيماوية مطلوبة محلياً وعالمياً. أوضح يوسف أن الصناعات البتروكيماوية المعتمدة على الزيت الخام تتطلب وحدات تحويلية، مثل تكسير المازوت باستخدام العامل المساعد لإنتاج الإيثيلين والبروبلين، وهي المواد الخام الأساسية لإنتاج البوليمرات مثل البولي إيثيلين، بعد عمليات التقطير والمعالجة والتقطير التفريغي. كما تحتاج إلى وحدات إصلاح النافثا بالعامل المساعد لإنتاج المواد العطرية (تولوين/ بنزين/ زيلينات) لتحقيق التكامل لإنتاج حزم متنوعة من المواد البتروكيماوية. وهذه العملية تتطلب استثمارات ضخمة تتجاوز 7-8 مليارات دولار، إضافة إلى التمويل لشراء النفط غير المتوفر محلياً.
وأشار يوسف إلى أن العديد من الدول العربية، وعلى رأسها السعودية، تمتلك تشكيلات إنتاجية متقدمة، حيث لديها معامل تكرير ضخمة بطاقة 400 ألف برميل يومياً لكل معمل، مما يتيح لها إنتاج سلسلة متنوعة من المواد البتروكيماوية. بينما أكبر طاقة لمعمل تكرير في مصر لا تتجاوز 160 ألف برميل يومياً.
الصناعات البتروكيماوية
أما الصناعات البتروكيماوية المعتمدة على الغاز الطبيعي الغني، الذي لا يتوفر حالياً في مصر بالدرجة التي تسمح بالتوسع، فإن أغلب إنتاج الغاز الطبيعي المصري من الآبار البحرية يغلب عليه غاز الميثان. وقد دفع ذلك شركتي سيدبك وإيثيدكو إلى استيراد غاز الإيثان من أمريكا عبر تسهيلات إعادة التغييز بالقرب من الإسكندرية لتغطية نقص التغذية وتشغيل الشركتين بكامل طاقتهما.
لفت يوسف إلى أن جميع المشروعات التي اعتمدت على استيراد مواد التغذية من الخارج قد فشلت بشكل واضح. على سبيل المثال، عانت شركة البتروكيماويات المصرية بالعامرية من خسائر كبيرة منذ بدء تشغيلها عام 1987 بسبب استيراد الإيثيلين من الخارج، لكنها بدأت في تحقيق الربحية بعد إنتاج الإيثيلين محلياً بإنشاء شركة سيدبك عام 1997. كما فشلت مشروعات البولي استر والستيرينكس وتوقفا تماماً منذ عشر سنوات نتيجة الاعتماد على استيراد التغذية، وتأثر أيضاً مشروع الشرقيون للبولي بروبلين بسبب نقص البروبان المستخلص من الغاز الطبيعي المصري.
وأشار يوسف إلى أن قطاع البتروكيماويات تحول إلى مشروعات لا علاقة لها بالبتروكيماويات مثل الألواح الخشبية من قش الأرز وإنتاج السيليكون والإيثانول الحيوي والمغذيات الزراعية، مما أبعد مصر عن مسار الصناعات البتروكيماوية بمعناها الصحيح.